Friday, July 18, 2014

إعلانات رمضان 2014 – الحلقة الأولى: اتبرع ولو بجنيه

وعدت أصدقائي الحلويين بكتابة بلوج... وقررت أن تكون أول بلوجاتي عن إعلانات رمضان السنة دي... بصراحة السنة دي كمية الإعلانات المستفزة بالنسبة لي أعلى من كل سنة فحسيت إني لازم أطلع غلي وغلكم منهم وأهو يمكن نبقى سبب في تغيير فكرة المعلنين عن جمهور الإعلانات ويرحمونا شوية.

أكتر نوعية إعلانات عامل مشكلة للناس وليا شخصياً السنة دي هي الإعلانات اللي بتطلب منك تبرعات. توجهاتهم بتختلف وأهدافهم بتختلف، بس في الآخر كلهم بيتفقوا على حاجة واحدة، عايزينك تدفع عندهم هم والباقي لأ. مانكرش ان المكان أو المؤسسة اللي بيتم الإعلان عنها ممكن تكون كويسة وأهدافها نبيلة ويمكن أكون أنا وانت شايفين ان فعلاً يستاهلوا الواحد يتبرعلهم، أنا مش بالوم المؤسسة على قد ما بالوم وكالة الإعلان أو الشخص اللي بيجيب فكرة الإعلان... كلهم مدرسة واحدة: إنهم حيخرطوا على قلبك بصل ويبتزوا مشاعرك ويحسسوك بالذنب ويوصلوك انك تتبرع بأي شكل!

مستشفى 57357 بقالها سنين بتعمل إعلانات تطلب تبرعات مننا... أنا فاكرة من وأنا في المدرسة وهم بيقولوا اتبرع ولو بجنيه. أسلوبهم يعتمد بشكل كبير على انهم يجيبوا فنانين ولعيبة كورة ورموز دينية يقولولك قد إيه المستشفى عظيمة ومفيش منها وان هي دي طريقك للجنة... الجديد السنة دي انهم ضافوا لنفس التكنيك فكرة قصص النجاح... فلانة خفت وبقت كويسة... ودي حاجة تفرح... بس برضه تقطيع قلب عشان بيفكرك ان فيه غيرها كتير تعبانين.. ده غير قصص من نوعية لما جينا هنا قابلونا كويس بس بنتي كانت تعبانة قوي وبتقولي أنا آسفة تعبتك يا ماما... بالله عليكم تخيلوا أب أو أم لطفل مريض وبيتفرج على إعلان من دول... نفسيتهم ممكن يحصلها إيه؟ ولا لو حصل بالغلط وطفل مريض شافه... ده ممكن نفسيته تتبهدل لدرجة ان علاجه نفسه يتأثر... أنا كشخص سليم الحمد لله باحس بالضعف وللحظة باتخيل إحساس الطفل والأب والأم دول وفعلاً باتمنى يكون ماحدش منهم بيتفرجوا عشان مايتجرحوش. اللي ممكن يكون مش سيء بشدة منهم هو اللي معمول على شكل أغنية في مسرح أطفال "ماتزعلشيييي"... الأغنية جميلة قوي، مع انها تزعل برضه! أما اكثر إعلاناتهم استفزازا هو بلا منازع إعلان عمرو أديب اللي بيزعقلنا فيه! عمال يسألنا أسئلة بديهية  بشكل يحسسك ان كل الحاجات اللي انت شايفها منطقية ما هي إلا مؤامرة إسرائيلية وانت محتاج تدافع عنها... لييييه مفيش تفرقة في التعامل بين غني وفقير؟ (عشان دي مستشفى؟) لييييه الحمامات نضيفة؟ (عشان دي مستشفى؟) لييييه لما يعوزوا أجهزة بيعرفوا يجيبوها؟ (عشان دي مستشفى؟) انت بتزعقلي ليه يا راجل انت؟ بصراحة، انت لازم تختفي!

أما المهعد القومي للأورام فده يمكن من أسوأ إعلانات اللي شوفتها من حيث الابتزاز العاطفي والإتجار بالمرض. السنة اللي فاتت عم محمد طلع ممثل وعديناها... السنة دي بقى تفوقوا على نفسهم. سلسة إعلانات تكرهك في حياتك وتحسسك بالذنب على النفس اللي بتتنفسه... فيه ناس الموت بالنسبة لها كلمة، إزاااي؟ ده فيه ناس عايشة مستنية الموت كل لحظة... على أساس ان مش كلنا معرضين ان ربنا ياخد أرواحنا عنده في أي لحظة مثلاً؟ .. فيه ناس الانتظار بيتعبها... إزااااي لو واقف في طابور تقول زهقت... ده فيه ناس الانتظار بيقتلها وانت قاعد بصحتك ومعترض؟ يا بجاحتك يا أخي! ... فيه ناس بتضحك وتهزر.. إزاااااي ده فيه ناس ملهاش نفس تضحك عشان عندهم حد قريب تعبان؟ أما انتوا ماعندكوش دم صحيح، بتضحكوا يا معدومي الضمير؟ حضرتك بعد إذنك، ليه كده يعني؟ الواحد كده كده لما بيشوف غيره في ابتلاء بيحمد ربنا ويقول اللي يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته... بس تحرم علينا الضحك والهزار؟ ما تيجي تحاسبني على النفس أحسن! والإعلان التاني بتاعهم بقى قمة التجارة. طنط يسرا جاية تفكرنا إنها صحيح عملت إعلان لمستشفى 57357 أول ما اتبنت بس دلوقتي لازم نركز مع المعهد القومي للأورام، زي هالة فاخر كده ما غيرت من سمنة روابي لسمنة كريستال، أصل المعهد بيعالج كل مرضى السرطان من "كل الأعمار"... واتكّلي قوي على كل الأعمار دي، مش زي الناس اللي بتعالج الأطفال بس.. أوه نو، دول مابقوش من مستواها! سمنتهم أخف برضه؟ تحس ان المريض بالنسبة لهم ما هو إلا سلعة بيتاجروا بيها وبوجعها عشان ياخدوا فلوس من الناس. فيه كذا إعلان تاني لنفس المكان، وبرضه وحشين كفاية دول.

مستشفى أسوان لعلاج القلب اللي هي مؤسسة مجدي يعقوب... أنا شخصياً باحترم المؤسسة دي جداً وباحترم دكتور مجدي يعقوب كمان جداً. بس بصراحة إعلاناتهم توجع القلب بشكل صعب. السنة اللي فاتت عمر الشريف قالنا ان صعب نسيب طفل قلبه بيوجعه، وقعدنا عيطنا جنبه... السنة دي الموضوع بصراحة كتير قوي. كلنا بنبص على ولادنا بصة سريعة... بس فيه أمهات مابتشيلش عينها عن عيالها عشان خايفين تكون آخر بصة؟ ده إيه يا ربي ده... ده لو أم طفلها كويس شافت الإعلان ده حتقلق وتترعب ويجيلها هسهس، ما بالك لو أم ابنها مريض... ليه تعملوا في الناس كده! فيه ناس بتحب تلعب مع ولادها، بس فيه ناس بتبقى خايفة تبقى دي آخر مرة تلعب معاهم فيها! أما بقى الإعلان التاني بتاع كل دكتورة في الأول أم... نعم يعني؟ افرض دكتورة كرست حياتها للطب والعلم؟ افرض دكتورة ربنا ما رزقهاش أطفال؟ افرض دكتور أصلاً مش دكتورة! ليه تربط ده بده؟ ليه يعني؟ هل كل دكاترتك أمهات؟ ده غير إن أصلاً أصلاً، لو الدكتورة تصرفت كأم تبقى غلطانة، عشان الدكتور ده لازم يبقى مهني، وأي حد عنده أب أو أم دكاترة ممكن يفهمك ميزة انه يبقى بيفصل! لو الدكتور تعامل كأب أو أم، حياخد قرارات غلط وحيبقى عاطفي في أوقات المفروض يبقى متماسك فيها... مافتكرش أنا لو أم لطفل مريض حاستأمن حد كده على طفلي.

مستشفى علاج الكبد... أنا عايز بابا يعيش... فعلاً؟ أنا عايز بابا يعيش؟ إيه الابتزاز الرخيص ده؟ حقيقي إخص!

مصر الخير... من أكتر الجمعيات اللي عاجبني تفكيرها الخيري... وإعلاناتها بتاعة كايروكي حقيقي جميلة وعاجباني جداً، مش بس عشان بحب كايروكي، بس عشان هي فعلاً حلوة ... وحقيقي أقنعوني من غير ابتذال ولا ابتزاز عاطفي ولا إهانة لحد... تحياتي

مؤسسة وفاءً لمصر بقى دول عاملين كام إعلان غبي بطلتهم يسرا برضه، اللي هي سلسلة سندباد الكفيف وسندريلا المشلولة وعنتر اللي قلبه ضعيف وما إلى ذلك... إنتوا بتهزروا، صح؟ رسالة ان الطفل اللي عنده أي نوع من الإعاقة مش من حقه يحقق حاجة في حياته، الكفيف مايسافرش والمشلولة ماتتجوزش، واللي عنده مشاكل في قلبه مش شجاع... ومن الآخر أي طفل عنده مشكلة صحية مش من حقه حتى يحلم؟ انتوا إزاي كده؟ عيب عليكوا بجد، عنصرية مش طبيعية!

إعلانات رسالة اللي بصوت محمود الجندي، منتهى الإهانة لمستقبلي التبرعات دي.. الحاجة فاطمة لسة مقابلة بناتها، لا مكانتش مسافرة، كانت مسجونة... البنت صممت تتصور وهي بتتطلع الحمام بره البيت لما بقى عندها سقف.... البنت ركبت قوقعة في ودنها وأول كلمة سمعتها أحمدك يا رب، مع إنها ماكانتش بتسمع أصلاً يعني احتمال كبير تكون ما تعرفش تفسر الكلام... الست لسة راجعة من الشوبينج في معرض رسالة وماتعرفش مكان أي مول.. البنت اللي جابت لبس العيد من معرض رسالة ومستنية الفجر عشان تلبسه... الراجل اللي جاب كسوة السنة من معرض رسالة... وكلمة "رسالة بتكسي" مش عارفة كام ألف حد في رمضان... إيه رسالة بتكسي دي؟ ليه تعمل إعلان لو اللي المفروض يستفيدوا منه شافوه حيحسوا بإهانة؟ ليه كده؟ الفكرة إن باين قوي إنه تمثيل، فيه طرق كتير تانية تقول بيها ان حالات معينة محتاجة تبرع من غير ماتهينهم!

مدينة زويل... بغض النظر عن رأيي في المشروع نفسه، الناس دي بدأت حملة إعلاناتهم بإنهم يقولولنا إن مصر في خطر عشان التعليم زي الزفت وان احنا مالناش مستقبل ومعندناش بحث علمي وحنروح ورا الشمس... وفجأة الإعلانات اتحولت لإنهم يجيبوا كذا طفل لابسين نضارات وملبسينهم دور الطالب العبقري... ونفس الطالب العبقري اللي المفروض ذكاؤه خارق يقولنا العكس... لا ده فيه أمل ومش محتاج أسافر (في إشارة واضحة جداً للطالب عبد الله عاصم اللي هاجر قريب) وكل الإمكانيات متاحة في مصر وحاحقق كل اللي أنا عايزه في بلدي. طب يا مؤمن إذا كان زويل نفسه سافر عشان مفيش أمل؟ عايزين تقولوا ان المدينة حتوفر الإمكانيات لو تبرعنا ماشي، بس تكدبوا علينا وتخلوا ولد يقول انه عبقري وفضل يستنى في مصر عشان اللي موجود برة حيلاقيه في مصر؟ آسفة... انتوا بتحوروا!

جمعية الأورمان... الحقيقة رغم ان طريقتهم هي هي، ماقدرش أنكر انهم مش أوفر. وفكرة تبرع في التمن جهات وجيب 8/8 دي مش بطالة برضه، بس الأسلوب اللي بتتقال بيه طفولي شوية وفيه نبرة أمر... بس عموماً مش مضايقني. نفس الكلام ينطبق على صناع الحياة... برضه بصراحة مفيش إهانة قوي زي الباقي.

بنك الطعام بقى ومسلسل الجوع... الولد اللي خد يوم أخوه في الأكل، الراجل اللي بياكل من الأرض ويأكل عياله من الزبالة وقدامه واحدة في كافيه عمالة تاكل، والست اللي قاعدة على نصبة شاي... طب يعني مش كده يعني... منتهى الوجع والإهانة للناس دي... ده غير ان بنهاية رمضان جاي تقولنا ادخل عالفيسبوك عشان تكتب نهاية مختلفة لمسلسل الجوع؟ فجأة الموضوع اتحول لتفاهة.. أنا باحترم جداً رسالة بنك الطعام وشايفاه من أحسن المشاريع الخيرية اللي اتعملت... بس أكيد انتوا مش صارفين كل ده عالإعلانات اللي متصورة أحسن من مسلسلات كتير، عشان تقولي ادخل على الفيسبوك. بصراحة... تعبتوني!

معاً لبناء العشوائيات... فكرة جميلة، وكان نفسي فيها من زمان. اعتقد ان ده المشروع بتاع محمد صبحي، ولو ده حقيقي فأنا مستغربة الإعلان جداً... لما تبقى انت مخرج وممثل زي محمد صبحي ومش عارف تعمل إعلان فيه أي فكر أو إبداع... زيه زي أي إعلان تبرع تاني... ابتزاز لعواطف الناس وإهانة للي بتحاول تساعده... فدي سقطة فنية بالنسبة لك.

من الآخر، مش لازم تهين متلقي التبرع، ومش لازم تحسس المتبرع بالذنب.
من الآخر، اللي عايز يتبرع حيتبرع، اللي مش عايز مش حيعبرك مهما عملت.
من الآخر، عايز تقنع المتبرع انه يتبرع لمؤسسة ما دون غيرها، اقنعه انك حتحط فلوسه في المكان الصح من غير ما تحسسه ان مجرد انه معاه فلوس دس جريمة في حد ذاتها.

من الآخر، اتعلموا من "مصر الخير"... بس!

No comments:

Post a Comment